القائمة الرئيسية

الصفحات

 


تخوفت ، رغم الشعور بالاطمئنان الى الشخص نفسه ، فبدأت أجر الحديث الى معارفى وأقاربى فى المنطقة متعمدا المبالغة ، ومنتحلا اسم صديق لوالدى كنا كثيرا ما نتزاور لدى أهله وأسرته فى هذه الضاحية النائية .

 

ولشد ماكان ذهولى ، عندما صاح هذا : أتعرف خالى؟!

 

                                            *

 

تمدد أمام عينى ظل كثيف حجب عنى  الضوء..

 

كان النادل وقد بدأ يرص بعض الصحاف والأكواب ..

 

وانتبهت الى صوت عبد التواب الرخيم وهو يقرأ فى الخطاب التالى

 

                                         *

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

                                                 

                                                  

 

                                                 

 

 

 

 

 

                                الرسالة الخامسة

 

5/1/1969

 

” عندما يحل الظلام هنا أبقى بذاتى ، وتحدثنى ذاتى كل ليلة : أين أنا أين كنت وأين يجب أن أكون .. وبالتأكيد أول مايخطر ببالى هو أنت .. فنحن كما وصفتنا : نسختين ، قد يرى البعض غير ذلك ، ولكنها الحقيقة ، ولكن أحدا لم يفلسف هذه الحقيقة حتى الآن ، وانى ألقى عليك عبء ذلك ، عليك أن تفلسف هذه الحقيقة !

 

اننى حين أمضى الوقت بدونك أشعر بهذا الفراغ ، هذا عندما يكون كل منا فى منزله القريب ، فمابالك وأنا هنا بعيد جدا ، ووحدى ، انها مصيبة كبيرة ، أحس بها يؤرقنى تصورها فمابالك وأنا أعيشها وأحياها ، فكأننى أريد أن أكتب اليك حتى يكون أول ماأكتبه عندك وآخره عندى ، لتقرأ أفكارى فور قدح زنادها ..

 

اننى أحس بالكآبة لأمور الجيش التى أبعث بها اليك دائما ، ولأنى لا أستطيع أن أتكلم معك الا عن طريق الخطاب ، صحيح أنه وسيلة طيبة ، ولكنه لايسمح بالتفاهم الا مرة كل أسبوع أو عشرة أيام ، فضلا عن أننى لا أطيق صبرا على أن أشرح لك بعض تباريح نفسى وكمدى ، وأطرح أسئلة لا أتلقى منك ردها على الفور .

 

أسمع الآن رباعيات الخيام : ( يامن يحار الفهم فى قدرتك )

 

بالتأكيد ياعزيزى حينما تقرأ شعر وكلمات أبى العلاء أو الخيام تعيش فى فلسفته حائرا وتقتنع ويسرى بعض الغذاء الروحى فى وجدانك ، ولكن لو فرضنا جدلا أنك جلست معهما فسوف تقترب أكثر من نبع هذه الفلسفة وتتجرع الكثير منها وتبرز خيوط لقاء فكرى ، وتتقطع خيوط أخرى كنت قد نسجتها وتكتشف الآن أنها خطأ ، وذلك نتيجة الحوار والمناقشة ، بل وتربط خيوط أخرى اقتنعت أنها هى الصحيحة من واقع الحوار والمناقشة ، ذلك أنى مثلا لا أستطيع ربط أفكارى بأفكارك كما لا أستطيع شرح بعض ما أقصد اليه بواسطة هذا القلم الأصم..

 

ان اللسان جزء حى منى ومرتبط عصبيا بالعقل ومن هنا فهو أفضل وسيلة للمناقشة والحوار .. كم أريد أن نلتقى !

 

أنا هنا مستريح جدا حياتيا ، زلكنى غير مستريح نفسيا برغم أن الناس فى منتهى الاعتزاز بى ، ويسرنى أن أخبرك أن رئيس عمليات الكتيبة قد قرر اعتبار الحادث المؤسف قضاء وقدرا ، ولكن الاجراءات الرسمية لم تتم بذلك بعد ، ولكنها قد تتم قريبا جدا ان شاء الله ، وقد ارتحت من هذه الناحية كثيرا  ، أتدرى لماذا ؟

 

ــ بسبب المصاب نفسه ..

 

لقد حاولت أن تعرف من هو ؟ سأخبرك وأمرى لله : انه علام !

 

لقد رفض اتهامى باصابته لا متعمدا أو غير عامد .. تخيل .. وأصر على أن الاصابة كانت نتيجة عبثه هو بالسلاح ، ولولا أننى معترف أصلا بأننى الفاعل ، لحاكموه على ذلك أيضا ، ولكن بتدخل صديقنا الرائد : رئيس عمليات الكتيبة ، أمكن تكييف الواقعة باعتبارها قضاء وقدرا !

 

علام يرسل اليك تحياته ، ويعتبر ماجرى له جزاء وفاقا !

 

أتذكر عندما قلت لك أن رسائلك تختفى فور وصولها ، بعد أن يسمعها كل أفراد الكتيبة ، أتدرى أن علام نفسه هو الذى كان يحتفظ بها ..

 

وهاهى بضاعتنا ردت الينا.. “

 

                                           *

 

توقف فجأة عن القراءة ، وتوجه الى بسؤال مفاجىء : من هو علام ؟

 

أجبته شاردا : ابن خال بدرية ..

 

قال : المدام ؟

 

تساءل أحمد : ولكن .. هل كان يأخذ الخطابات ؟

 

قلت ضاحكا : نعم .. ولكنه كان يعيدها الى !

 

                                           *

 

كنت أرسل خطاباتى الى حسين موقعة بكنية (أبى خليل) ، وكان علام مغرما بالقراءة والأدب ، وحسب تعبيره : أذهلته تلك المقالات الرائعة التى تصل الى حسين من أحد الصحفيين أو الأدباء كما كان يتصور ، ولذا فقد كان يغافل الرقيب ويحتفظ بها لنفسه ، ليعرضها على أقاربه وأصدقائه .

 

ويوما كنت أزور بيت بدرية وعائلتها ، وكان هناك فى اجازة ، وعادة مايتساءل الجالسون عن أخبار الجبهة ، فأخرج صاحبنا أحد خطاباتى وشرع يقرؤه على مسمع من الجالسين ، وكان يكفى لكى أعرفها ذلك النداء الخاص الذى أصدر به رسائلى اليه (رفيق الكفاح) ، ثم توالت جملى وعباراتى ...

 

تركته ينهى الرسالة ، ثم سألته : من أين لك هذا الخطاب ؟

 

ودهش للصيغة الواضحة للسؤال ، وحاول أن يدسه فى جيبه ، فأسرعت الحاجة ومدت يدها ببساطة ، فناوله اياها ذاهلا ، وكانت تعرف حسين حق المعرفة ، وتعرف خطى أيضا ، تمعنت فى السطور ثم التفتت اليه قائلة : انت مع حسين ؟

 

كنت أحفظ رقم الوحدة ورقم (جـ) عن ظهر قلب ، لم يستطع الانكار ، وأسقط فى يديه!

 

قلت له : سلم لى عليه كثيرا !

 

وأسرعت أكتب خطابا الى حسين : سيصله صباح أو مساء الغد ..

 

                                             *

 

كانت عينا عبد التواب تجرى بسرعة على السطور الباقية من الخطاب الطويل ، ثم أسرع فجأة الى ورقة حمراء مرفقة به ، مر على سطورها سريعا ، ثم رفع رأسه محتقنا بالدموع ، وناول الملف الى أحمد ، الذى شرع يقرأ بصوت مرتفع (مسرسع) طالما كنا نضحك منه فى حصة المطالعة بالمدرسة الاعدادية :

 

” أجدنى مضطرا لكتابة هذه الحاشية اليك ، فلقد عجل خطابك المرسل مع الأخ علام ، والذى تأخر طويلا حتى يشفى ، قبل أن أوصد خطابى هذا اليك ، وليس لى سوى تعليق واحد : (ومن أعرض عن ذكرى ... )

 

لقد كان الحل بيد المصاب ، وبيدك ، وبيدنا ، دون أن ندرى ..

 

هلا تخبرنى ياسيادة الفيلسوف فيم كان ذلك الوجل والخوف والهم ؟!“

 

                                         *

 

بقيت هناك قضية وهى غرامياتك ياأستاذ ، رجائى ألا تدخل فى غراميات طويلة المدى وأنت فى هذه الفترة تحتاج الى كل الوقت لدراستك العليا ، فركز عليها ولتكن غرامياتك قصيرة المدى ولا تدور فى دائرة واسعة ، فأخبارها عندى !

 

                                         *

لا أريد أن أترك خطابى ، كما لاأريد أن أترك خدمتى لأراقب فى جو ذى رياح شديدة وبرودة زمهريرية ذلك العدو الصهيونى الجبان ، ترى أأترك خطابك أم أترك خدمتى ؟

 

سوف أترك خطابك حتى أستطيع بعدم تركى خدمتى أن أرسل اليك خطابات أخرى .. أليس كذلك ؟

 

( وستحيا الكلمات برغم الموت .. )

 

                                            *

 

ثم امضاؤك أنت .. أبوخليل .. بدلا من توقيعه هو..

 

هكذا قال عبد التواب ، وهو يغالب دمعة !

 

                                            *

 

تساءل أحمد وهو يغلق الملف بصرامة ، فاردا أصابع يده اليمنى  الخمسة  فوق غلافه باصرار : لن أستمر حتى أعرف حكاية تلك الغراميات ، هاهو يؤكدها مرة أخرى !

 

انك تفتح بابا الى الجحيم ياأخى ..

 

استمر قائلا : وقبل ذلك أجبنى : ألم تكن بطلتها مديحة ؟ تلك القديسة الخائنة !

 

مديحة مرة أخرى .. كلا.. ولامرة !

 

فى كل مرة كانت تغلق فى وجوهنا الأبواب ، انها لم تكن عنيدة كما تتصور ، ولكن هكذا شاءت الأقدار ، فهى الت قادت خطاى الى شقة صديق حميم ..

 

ــ من ؟

 

انهما يصران على فتح كل الأضابير ، ولم لا ، ان ملف كل الأصدقاء هنا فى ملف حسين ، ومادمت قد فتحته ، فلتفتح كل الملفات ، ولكن الليل قد لايكفى !

 

عندما سمعا اسم رمزى صاحا معا : رمزى أمين ؟

 

زميلنا بالمدرسة الاعدادية ، المجنون بالمسرح والتمثيل .

 

قال عبد التواب : هل رأيت عمله التليفزيونى الأخير ؟

 

أنا لم أره .. لكنهم يقولون أن كبار فنانينا قد شاركوا فيه ..

 

متى التقيت به ؟ اعترف .. هكذا صاحا ، ولهما كل الحق ، لقد غادرنا رمزى قبل أن يكمل شهادة الاعدادية ، ورحل مع عائلته ابان العدوان الثلاثى الى قريته ميت حارس ، وبالطبع لم يعد أحد يراه ، انه بلديات أحمد الجنزورى ، كلاهما من المنوفية ، وكلاهما رحل خلال تلك الفترة نفسها ، وكانت قصة لقائهما بعد ذلك فى مرحلة الدراسة الجامعية من قبيل المصادفات الغريبة .

 

وقبل أن يتساءل أحمد (كما أتوقع) : وهل كانت قصة لقائى برمزى بنفس الطريقة ؟

 

قلت : لقد التقيت به يوم تقدمت الى ادارة التجنيد فى يناير 1968 ، كنا قد تجمعنا فى انتظار سماع أسمائنا لاجراء اختبار القدرات النفسية والعملية ، عندما سمعت الباشجاويش فى وسط الجمع يصيح : رمزى أمين حارس !

 

رأيت كهلا يرتدى جاكتا بنيا على بنطلون أزرق متهدل وقد انسدل شعره الأصفر على وجنته التى تتصبب بالعرق ، فقد كان اليوم حارا كأننا فى فصل الصيف ، شمسنا الساطعة لا تعرف الشتاء الذى شاهدناه فى الخارج الا نادرا ، وكانت ذقنه طويلة ، وكأنما استحال لون عينيه الأزرق الى سواد ، وقد اتسعتا دهشة لمرآى أخترق الجمع متجها اليه ناسيا ماحولى.

 

هاأنذا ألتقى فى ساحة الشرف بصديق حميم ، بينما سبقنا بالفعل الى ساحة المجد صديق حميم ، وأحسست أن كل المتزاحمين هنا جميعا هم أصدقائى الحميمون !

 

كان يحمل ميدالية غريبة : جمجمة وعظمتان ، وعندما قدمت له علبة سجائرى ، اعتذر ، وأخرج علبة من الصفيح الصدىء ، فتحها على مهل ، وبدأ يلف سيجارة من التبغ وورق البفرة!

 

قلت ضاحكا: هل أقلعت عن تدخين سجائر الماكينة ؟

 

ولم أكن بالطبع قد شاهدته يدخن من قبل ، لقد كنا أطفالا ، ومن يومها بدأنا نصل ماانقطع ، عرف عنوانى ، وعرفت عنوانه ، كان يقطن بشقة فى شارع الهرم ، فى الوقت الذى عرفت فيه مديحة ، واضطررت من أجلها للاقامة لديه أكثر من شهر، وعندما صحبتها الى ذلك المكان ، كان قد عاد الى قريته فى شأن مفاجىء ، وعندما رجع كانت الأمور بينى وبينها قد تبدلت ، لكننى عرفت المكان ، وأثثت فيه غرفة ، وعدت ذات ليلة مبكرا على غير العادة ، فاستوقفنى قبالة باب الغرفة المغلق ، وقال : لدينا ضيف !

 

وفهمت كل شىء ، فقد كان هو نفسه شبه عار، وتركنى بالصالة ، وعندما رجع قال : اتفضل ياابراهيم !

 

                                             *

 

واستقبلتنى امرأة شبه مضطجعة على السرير ، تغطى نصف جسمها الأسفل بملاءة السرير البيضاء ، بينما تركت نصفه الأعلى طليقا ..

 

كان الضوء خافتا ، ينبعث من اباجورة بسيطة ، موجهة الى الطرف البعيد من الغرفة ، جلست على مقعد مجاور للسرير ، قالت دون أن تحاول النظر باتجاهى : أنا لاأقبل باثنين فى ليلة واحدة ، لكن انت باين عليك ابن حلال!

 

وهمست : ألاتشرفنى هنا ؟

 

ثم استدارت الى ، وشهقت فجأة : من ؟ ابراهيم ؟

 

                                         *

 

صاح عبد التواب : تعرفك ؟

 

ــ وتعرفها أيضا .. انها أم عزيزة ..

 

ضرب أحمد كفا بكف ، ثم راح يضحك فى هستيرية لفتت اليه الأنظار وهو يحاول أن يوصل الينا جملة مفككة : وقصائدك العاطفية فى ابنتها !

 

ثم توقف فجأة قائلا: أتذكر شرطى الأساسى فى الزواج ؟

 

أمنت برأسى ، بينما قال عبد التواب : وماهو؟

 

قلت له بأسى: كان المجنون لا يشترط أن تكون فتاته عذراء ، ولكن ألا يزيد ذلك عن ..

 

قاطعنى ضاحكا : ضاعفه الآن !!

 

                                            *

 

سأل عبد التواب : طيب .. وعزيزة ؟

 

كلا ياعزيزى ، لم تكن مشكلتها تخصنى ، لكن المشكلة كانت مع فتحى !

 

سأل أحمد : من هو فتحى ؟

 

قلت : أتذكر ذلك الفتى الذى تعرف على عند محطة الأوتوبيس بتلك الضاحية البعيدة عندما كنت بانتظار مديحة ؟

 

نظرا الى بذهول ، لم يكونا قد سمعا القصة بعد !

 

                                           * 

 

عندما اصطحبنى الفتى الى بيته ، كان ذلك هو البيت نفسه الذى زرته منذ عدة سنوات ، بصحبة والدى وأحد اقاربه ، وكان فضلا منه عظيما أن أخبرنى بذلك فى الطريق ، اذ كان يتوجب على أن أكتم عنه تجربتى مع أم عزيزة ، ومعرفتى بابنتها ، فتلك خالته ، والأخيرة ابنة خالته !

 

وكم كنت أعجب لترك الفتاة (المراهقة) وحدها هكذا بالمنزل طيلة الوقت بلا حسيب ولا رقيب ، حيث كان يمكننى أن أختلق الأسباب للتسلل الى دارها فى أى وقت ، كان أبوها قد هجر أمها لسبب لا أعلمه ، وكانت الأم تدعى أنها لم تعد تطيقه ، فهو ليس سوى قهوجى لايجيد حتى صنع الشاى ، ودخله لا يكاد يكفى لأكل عيش حاف ، واتخذت من بيت أخيها ــ جارنا وصديق الأسرة وزميل العمل مع الوالد ــ ملاذا لها .

 

وكانت حال اخوتها ميسورة فيما أرى ــ وهم ثلاثة يقيمون فى نفس الشقة ــ الا أنهم فيما يبدو قد طمعوا فى ماتملكه أختهم من حلى ومصاغ نظير اقامتها معهم ، واعالتها هى وابنتها .. هكذا كنت أفهم الأمر حتى تاريخه !

 

وكنت فى تلك الآونة المتأخرة أستطيع أن أفسر كل أو معظم العلاقات العائلية تفسيرا فرويديا خالصا ، ولم يصح تقديرى فى ذلك مثلما صح فى تلك الحالة !

 

(...................................................)

 

                                          *

سألته : عرفت اذن أن خالك هو عم خليفة يرحمه الله ، ولكن كيف عرفتنى هكذا بالاسم ، ونحن لم نلتق من قبل ، وكيف عرفت مديحة ؟

 

وكان الأمر أبسط كثيرا مما تصورت ، ان علاقته بها ـ أى مديحة ـ بدأت منذ حوالى السنة ونصف ، أى فى ابان فتور علاقتى بها ، وربما كانت هذه هى العلاقة الجديدة التى تسببت فى هذا الفتور ، فقد طرحت نفسها عليه أيضا ، كما تسقط تفاحة آدم دون استئذان ، ثم نفسر ذلك يقانون الجاذبية ، مع فارق وحيد هو أن مديحة تسقط عادة من أسفل الى أعلى !

 

 كان عائدا من زيارة خالته بشبرا الخيمة ، عندما توقف الباص قبل عبور منطقة المظلات ، عند مدخل القاهرة الشمالى ، حيث توقفت كل وسائل المواصلات ، فقد كان ذلك ليلة التاسع من يونيو ، واضطر أن يقطع الطريق حتى ميدان التحرير ماشيا ، لكنه التقى بها ، وهى تهتف بعودة ناصر وقد خلعت منديلها الأزرق من حول عنقها ، وراحت تلوح به بكلتى يديها فوق رأسها..

 

انهارت فى الطريق ، والتف حولها الشباب من كل جانب ، وانبرى صاحبنا بشهامة ليذب عنها الذباب ، نظرت اليه وهى شبه مغمى عليها وهتفت : أخويا ؟

 

وقطعا الطريق معا ، ثم عاد بها قرب منتصف الليل الى بيت أمها !

 

وساعدها فيما بعد على الالتحاق بهذا المصنع القريب من سكنه ، فأصبح لقاؤهما سهلا ويكاد يكون يوميا ، الى أن لاحظ أخيرا تهربها منه بدوره ، ففكر فى متابعتها عن بعد .

 

وخلال متابعته لها يوما رآها تجرى خلفى فى الشارع وهى تهتف باسمى ، وقد تذكرت ساعتها ذلك اليوم على وجه التحديد ، وعندما سألها عنى كانت اجابتها الجاهزة : ابن خالتى !

 

وكان يظن ذلك حتى التقينا ، وكان قد فكر فى الارتبط بها ، وفاتح أمها فى الزواج ، لكنه الآن فقط سيتراجع عن ذلك ، وسيقدم على خطوة نهائية ، كانت غائبة عن ذهنه ، ليقطع على نفسه خط الرجعة ، سوف يخطب ابنة خالته عزيزة !

 

توجهت الى صديقى بالسؤال : هل استرحتما الآن ؟!  

 

  

 

 

تعليقات

التنقل السريع